الحكومة السورية تتابع تقرير «العفو الدولية» وتتعهد بالتحقيق في أحداث الساحل
خلال 30 يوماً
تابعت الحكومة السورية باهتمام تقرير منظمة العفو الدولية الصادر، يوم الخميس، والذي دعت فيه إلى التحقيق في ما وصفته بـ"مجازر الساحل" باعتبارها "جرائم حرب"، أسفرت عن مقتل نحو 1700 مدني، معظمهم من الطائفة العلوية.
أعلنت الحكومة في بيان ليل الجمعة أنها أخذت علماً بالخلاصات الأولية الواردة في التقرير، وعدت تقييمها يندرج ضمن اختصاص اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق، التي تعمل وفق تفويض وصلاحيات واسعة حددها قرار رئاسي، بحسب وكالة "فرانس برس".
اتهامات متبادلة وأعمال عنف دامية
شهدت منطقة الساحل السوري، ولا سيما يومي 7 و8 مارس، تصعيداً غير مسبوق في العنف، حيث اندلعت مواجهات دامية اتهمت الحكومة مجموعات مسلحة تابعة للنظام السابق بالوقوف خلفها.
أفادت مصادر حكومية أن هذه المجموعات نفذت هجمات مباغتة استهدفت نقاط تمركز تابعة لقوات الأمن العام والجيش، ما أدى إلى استشهاد المئات، وحدوث فراغ أمني مؤقت.
أوضحت الحكومة أن هذا الفراغ تسبب بفوضى، تبعها وقوع انتهاكات وعمليات انتقامية، وأكدت أن اللجنة الوطنية أخذت على عاتقها التحقيق في جميع هذه الوقائع، مع تعهّد بإعلان النتائج خلال ثلاثين يوماً.
دعوات للمساءلة وحماية للمدنيين
أشارت منظمة العفو الدولية في تقريرها إلى ضرورة محاسبة المتورطين في عمليات القتل الجماعي التي استهدفت المدنيين، ولا سيما من الطائفة العلوية، في مناطق الساحل.
شددت المنظمة على أن تلك الانتهاكات ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب، وأكدت أهمية إخضاعها لتحقيق مستقل وشفاف يضمن العدالة للضحايا.
رفضت الحكومة ما عدته "ملاحظات منهجية" في التقرير، وأبرزت تجاهله لسياق الأحداث الأمنية، وأكدت أنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن حماية جميع المواطنين، دون تمييز على أساس طائفي أو عرقي، في إطار دولة تضمن المواطنة المتساوية.
روايات الناجين توثق الفظائع
أدلى عدد من الناجين، إضافة إلى منظمات حقوقية دولية، بشهادات حول اقتحام مسلحين لمنازل المدنيين، حيث طرحوا أسئلة على السكان حول انتمائهم الطائفي، قبل قتلهم أو إطلاق سراحهم وفقاً للإجابة.
وثّقت هذه الجهات قيام المسلحين بتصوير عمليات الإعدام، حيث ظهروا في مقاطع مصورة يطلقون الرصاص من مسافة قريبة على أشخاص بلباس مدني، بعد ضربهم وتوجيه شتائم إليهم.
نزوح واسع واستمرار التحقيقات
أجبرت موجة العنف أكثر من 21 ألف شخص على الفرار من الساحل السوري باتجاه الأراضي اللبنانية، وفقاً لما أعلنته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
شكلت الرئاسة السورية لجنة للتحقيق في الأحداث، وصرّحت اللجنة في 25 مارس بأنها جمعت عشرات الإفادات، إلا أنها أكدت في الوقت نفسه أن الوقت لا يزال مبكراً لإعلان نتائج نهائية.
وأعلن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع التزامه بمحاسبة كل من تورّط في سفك دماء المدنيين، وأكد في تصريحاته أن الدولة لن تسمح بجر البلاد إلى "حرب أهلية"، مهما كانت التحديات، مجدداً تمسكه بمسار العدالة والمحاسبة كأساس لإعادة الاستقرار.
تحذيرات من استمرار العنف
طالبت منظمة العفو الدولية الحكومة السورية بضمان عدم استهداف أي فئة على أساس طائفي، محذرة من أن عدم اتخاذ إجراءات حاسمة قد يؤدي إلى استمرار دورة العنف والانتهاكات.
ويؤكد مراقبون أن هذه المجازر قد تعيد الأزمة السورية إلى مرحلة جديدة من التصعيد الطائفي، ما يهدد فرص الاستقرار في البلاد، ويزيد تعقيد المشهد السياسي والأمني.